في يوم ذكرى العيد الدولي لحرية الصحافة غاب أي احتفال ذي بال بهذا اليوم الرمزي، رغم ما تتمتع به موريتانيا من رُتبة في مجال الإعلام الحر لدى بعض المنظمات الدولية، المهتمة بهذا الشأن، مثل "مراسلون بلا حدود".
تصفيات الحسابات الصامتة، على خلفيات قبلية و شرائحية و عصاباتية بثوب سياسي بغيض لا تخطئه العيون و إن رمدت و الأفواه و إن كممت، تتجلى في الإقصاء بلا تردد أو حياء للقدرات المهنية المؤكدة و العلمية الرفيعة، في المؤسسات العمومية و شبه العمومية، لا لسبب إلا أن يقول أصحابها "ربنا الله و الوطن لنا جميعا".
بعد ثلاث سنوات من المماطلة التي صنعها مسلسل من المفاوضات لا يموت و لا يحيى يتاثر بالوضع الداخلي و الخارجي يشَبهه البعض بعملية السلام في الشرق الأوسط, حوار يتم الإعتراف بمخرجاته تارتا وتلغى تارتا أخرى يؤمنون ببعضه تارتا و يكفرون ببعض, مسلسل لا يعدو كونه مهدءًا لنوبة غضب و تذمر يتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى لكنها مع هذا التأجيل تزداد عمقا و ضخامة و أنتش
في ظل ثبات سياسة الدولة وعدم إتسامها بالحداثة وتمسكها بالنماذج لكلاسيكية للإدارة ومعاندتها للتجديد تتعالى أصوات معارضة ويكثر دعاة الطائفية والعنصرية والإنفصال والتحرر وتظهر حالات من الغضب الجماهيري الدافع الأساسي وراءها هو رغبة المواطن في الحصول على حقه من التنمية بجميع أشكالها.
بالأمس وجميع الموريتانيين ما زالوا بين غمرات الحزن والأسى, وعبرات البؤس والجوى حُزناً على رئيسهم السابق المرحوم اعل ولد محمد فال الذي اختطفته يد المنون اختطافاً على حين غرَّة من الجميع, وإنَّ الموت لطوافٌ خطوف...يفاجئنا من يوصف أو يصف نفسه أوْ يدَّعي أوْ يُدَّعى له أنه المفكر (...) بتدوينة ألهبت المشاعر وأججت الأحقاد..!!
كنت أقيم في منطقة الخليج العربي منذ 1997، وقد ترددت على البلاد كزائر من حين إلى آخر دون أن أفكر مطلقا بالعودة والاستقرار بها, حتي سنة 2007 وبع الإطاحة بنظام معاوية ولد سيد أحمد الطائع على يد مجموعة الضباط, الذين كان يقودهم الراحل: أعل ولد محمد فال.
فقدت موريتانيا يوم الجمعة 5 مايو 2017، رئيسها الأسبق اعل ولد محمد فال فذعر المواطنون وكان التعبير عن المصيبة بوسائل مختلفة: رسم رئيس الجمهورية الحداد ثلاثة أيام ونكست الأعلام بينما قررت المعارضة وقف الحملات للترحم على من كان أحد قادتها البارزين..
كأن صاحب القامة الفارعة والشارب الكث، الذي يذكرك بقصص قادة الجيش الإنكشاري وأيامهم، قد سئم منا ومن يومياتنا الرتيبة، فترجل عن جواده في صمت بعيدا عنا، في صحراء تشبه إلى حد كبير رحابة صدره وامتداد عطائه لوطنه...الحياة مضحكة أحيانا!
إذا كان السجن قد مثل أداة ردع ووسيلة عقاب لدى مختلف الدول والحضارات، فإن حرمان الإنسان من الإفصاح عن رأيه بحرية، هو سجن من صنف آخر، يشعره بالمهانة، وانتهاك كرامته الإنسانية.. يحرمه من أي إبداع، أو تعبير صادق عن الذات.