شيء ما أثار كبرياء النخوة في وجدان كل موريتاني ونحن نودع رئيسا ساهم في صناعة أهم الأحداث الوطنية خلال العقدين الأخيرين هو المرحوم الرئيس الأسبق اعل ولد محمد فال.
الكتابة عن الراحلين من الشخصيات العامة في لحظات الفقد الأولى مربكة، لضيق الحدود أثناء الكتابة بين خواطر الحزن و رصد السلوك الإنساني من رؤية لا تختلف عن الكتابة حول الأحياء إلا في وجوب الامتثال للأحاديث النبوية الشريفة ( اذكروا محاسن موتاكم) و(لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا) رغم أن الإنسان العادي كما فطره الله، لا يكتمل إلا بعيوبه.
في يوم من ايام ستمبر 2005 عندما كان المرحوم اعلي ولد محمد فال رئيسا للدولة و الرئيس الدورى لمنظمة مكافحة أثار الجفاف في الساحل " cilss" وأنا يومها مستشارا لدى وزير التنمية الريفية مكلفا بهذه المنظمة الجهوية.
انتقل إلي رحمة الباري، أمس الجمعة، الرئيس السابق اعلي ولد محمد فال عن عمر قد لا يكون طويلا بقياس الزمن العادي لكنه مديد بمقياس الفعل والحضور والأثر الذي يتركه الإنسان في الحياة حيث حقق فيه من خدمة الوطن والعلاقات الطيبة داخليا وخارجيا ما يعجز الإنسان العادي عن تحقيقه لو عُمّر آلاف السنين.
كان الوقت ضحى حين ايقظني صديقي المضيف في حي السويسي 1 بالرباط خلال صيف 2005 ...قال لي كالحلم معاوية سقط معاوية سقط...لم اكن لاصدق لولا اني رأيت دموعه تنهمر من شدة الفرح...وسقط ...
حين وصل الرئيس الراحل، اعلي ولد محمد فال، إلى الحكم كنتُ مستشارًا لوزير الخارجية برتبة سفير فى الإدارة المركزية، فأسند أليَّ وزيرُ الخارجية الجديد، الدبلوماسي المحنك أحمد ولد سيد أحمد، مهام الإتصال والإعلام، وكنتُ – من حين لأخر- أنوب مدير إدارة الإتصال يومها، السفير ماء العينين ولد خالد.
( أكتب عنك ويعلم الله أننى لم أضع يدى فى يدك أبدا ولم أدخل منزلك ولا مكتبك ولم تربطنى بك أية علاقة سوى علاقة تربطنا بكل المنتمين للجمهورية الإسلامية الموريتانية
أكتب عنك لأن اللحظة تقتضى مع مغالبة الدموع الحديث عنك بما أنت أهل له دون نفاق أورياء أوتملق وقد أصبحت هناك بين يدى ربك علام الغيوب والذى أمرى وأمرك إليه )
لست في وارد بسط المعاذير، تمهيدا لما قد يراه البعض تضخيما لمثالب صحافتنا وتجنيا على تجربتنا - وربما - استهدافا لأشخاص عاديين واعتباريين، وعلى أدنى تقدير مبالغة في التشاؤم على رأي أمثل القوم طريقة، وأكثرهم اتزاناً، وأراه من جهتي إحجاما محسوباً عن تفاؤل يعوزه المسوغ.