مذكرات السجين السابق لدى البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة 64) | صحيفة السفير

مذكرات السجين السابق لدى البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة 64)

جمعة, 03/03/2017 - 18:30

في اليوم التاسع من شهر أغشت 1990 أنزلونا أمام كوخ منصوب على ربوة مطلة من الشمال على مدينة شوم قالوا بأنها هي الحدود ولا يمكنهم تجاوزها وأن علينا أن نتوجه إلى مقر الحاكم الذي نراه من ذلك المكان على شكل قباب وذلك من أجل أن يوقع لنا التصاريح التي منحونا إياها، ولأنه كان معنا نساء وأطفال لا يستطيعون قطع تلك المسافة مشيا على الأقدام.

فقد ذهبت أنا وشخص آخر إلى المدينة لنأجر سيارة تنقلهم وفي الطريق قررنا أن نخبر الحاكم أولا فقد يساعدنا، وبالفعل فلم يخيب ظننا وأرسل معنا سيارات عسكرية أحضرت المجموعة واستقبل الجميع في بيته الذي كان ملاصقا لمكاتبه وبالغ في إكرامنا فأرسل عسكريا إلى السوق وأحضر كميات كبيرة من اللحم وكانت زوجته تشرف بنفسها على تحضير الطعام والشراب ، وفي الأثناء جمع منا أوراق التراخيص وبدأ ينادي كل واحد يسأله بعض الأسئلة ثم يناوله ورقته بعد أن يختمها ، وحن جاء دوري وعرف أني موريتاني سألني إن كنت سأرجع بعد ثلاثة أشهر فأجبته بأنني لا أنوي العودة مطلقا دون أن أشرح له الأسباب ، حينها أعاد ورقتي إلى الدرج وأخبرني بعدم إمكانية سفري قبل أن يخبر الجهات المسؤولة في مدينة أطار التي يتبع لها وبأنه سيرسل رسالة بالأمر وينتظر الجواب الأمر الذي قد يستغرق أياما حسب قوله فنزل الخبر علي كالصاعقة فقد كنت أستعد نفسيا لأن أكون غدا بين إخوتي وأخواتي وقد أحسست بالحزن حين أمر العساكر أن يحملوا رفقتي في السيارات إلى محطة القطار ويركبوهم في القاطرات الخاصة بالركاب بدل أن يركبوا في تلك التي بها معدن الحديد لأبقى أنا وحيدا أنتظر المجهول .

أربعة أيام كأنها سنين قضيتها في ضيافة الحاكم انتظر في كل لحظة الجواب الذي لا أدري متى يأتي ، و في كل يوم كنت أزداد إحباطا وأتمنى أن يكون اليوم الأخير لي في تلك المدينة رغم أن الرجل ظل يحرص على أبقى في جو مريح فكان في كل صباح قبل أن يدخل إلى مكتبه يطل علي ليتأكد من أن كل شيء قد تم توفيره لي بما في ذلك الجرائد وظل على ذلك الحال حتى صباح اليوم الخامس حيث أخبرني بأن أوامر جاءته بأن يصحبني عسكري ويسلمني لقيادة الدرك الوطني في مدينة أطار وطمأنني بأن الأمر لا يعدو كونه إجراء روتيني من أجل التحقق من هويتي و أن تستصدر لي أوراق موريتانية ما دمت قررت أنني لن أعود إلى صفوف البوليساريو  ، وفي المساء كان عسكري مسلح يقودني إلى محطة النقل في المدينة ويجلس بجانبي في مؤخرة شاحنة صغيرة من نوع بيجو 404 لتنطلق بنا مع عدد قليل من الركاب نحو مدينة أطار ، وكنت تلك المرة الأولى التي سأرى فيها المدينة التي أجبرت قبل سنوات على الاعتراف بأني تدربت فيها لأصبح مخابرا أعمل لصالح موريتانيا وفرنسا ضمن تلك الأكذوبة التي اختلقتها قيادة البوليساريو لتصفية الكوادر الموريتانيين الموجودين في صفوفها .

 

يتواصل ......