مذكرات السجين السابق لدى البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة 61) | صحيفة السفير

مذكرات السجين السابق لدى البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة 61)

ثلاثاء, 28/02/2017 - 19:02

وبينما كنا غارقين في نقاش عقيم عمن تتوفر فيه شروط الترخيص قبل غيره ، طل علينا من النافذة شاب يدعى الناجم عينا ونادى علي ليخبرني الخبر الذي كنت انتظره بلهفة دون أن يكون عندي تصور لموعده  والذي لا أعتقد أنني سأسمع في الحياة الدنيا ما يفرحني أكثر منه فقد قال بأنه أودع رسالة لدى إدارة المدرسة مرسلة من محمد الأمين أحمد مسؤول أمانة المكتب السياسي يطلب فيها التحاقي في مساء ذلك اليوم بمقر المجلس الوطني قرب مركز الرابوني من أجل السفر إلى موريتانيا ضمن قافلة ستنطلق في اليوم الموالي ، ورغم أني أحسست بدوار حقيقي من صدمة الفرحة فقد حاولت أن أبقى متماسكا وكأن الأمر جد عادي بالنسبة لي حتى لا أبدو كمن أفلته أسد بعد أن كاد يفترسه فأخذ يجري دون أن يدري أن الجري يحفز غريزة  المطاردة عند الأسود فكان علي أن أتصرف بهدوء كما لو كنت ذاهبا لأي مكان في تلك الأرض التي كانت في تلك الأيام تمثل سجنا كبيرا .

اتجهت إلى الإدارة لأستطلع الأمر لاستفسر عن الأمر فأخبروني بأن الرسالة وصلتهم وعلي أن انتظر لأنه لا توجد وسيلة نقل لإيصالي ، ولأني لا أريد أن يفهم الأسد أني خائف إن جريت فقد عدت إلى زملائي في هدوء وكأن شيئا لم يتغير وبدأت أجهز لعرض أفلام وثائقية كان مبرمجا عرضها للمتربصين في تلك الليلة ، وبينما كنت منشغلا في ضبط جهاز العرض بين صلاة المغرب والعشاء إذا بي أسمع  الأصوات من عدة اتجاهات تنادي باسمي أن أتوجه إلى الإدارة ، فقد أعلن ما يشبه الاستنفار بعد أن حضر سائق محمد الأمين أحمد شخصيا في سيارته الشخصية يريدني على عجل ليوصلني إلى المكان الذي ستنطلق منه القافلة غدا في اتجاه موريتانيا .

انطلق بي ذلك السائق نحو المكان المنشود وبالرغم من أنه لا يبعد عنا سوى أربعين كيلومترا فقد خيل إلي أننا استغرقنا من الوقت أكثر مما ينبغي لشد تشوقي لأن أترك ورائي كل المسافة التي تفصلني عن بر الأمان الذي تركته غير مكره قبل أكثر من عقد من الزمن لأجد نفسي وقد جرفني تيار قاتل كنت أحسبه امتدادا لذلك البر الآمن .

 

يتواصل .....