مملكة الكونغو (Kongo Kingdom) | صحيفة السفير

مملكة الكونغو (Kongo Kingdom)

سبت, 29/10/2016 - 10:37

أ – إطارها الجغرافي :
كان إطار هذه المملكة جنوب غرب إفريقيا بحيث ضمت أراضي من شمال أنغولا الحالية ، كابندا وجمهورية الكونغو الشعبية ، إضافة إلى أجزاء من غرب الكونغو الديمقراطية ( الزائير سابقا ) ، وجزء من الغابون.

وعندما كانت المملكة في أوج قوتها ، امتدت رقعتها الجغرافية إلى غاية المحيط الأطلسي أي غرب بحيرة كوانغو Kwango شرقا ، ونهر الكونغو أي إلى غاية واد لوجي Loje جنوبا .

وبناء على كتابات وروايات الأوربيين ، كانت أنغولا جزء من هذه المملكة إلى غاية وصول المستكشف البرتغالي بول دياز سنة 1574 الذي فصل أنغولا عن مملكة الكونغو.

ب – أصول المملكة :
ينحدر سكان هذه المملكة من امرأة تدعى نزينغا Nzinga بنت نكويو Nkuwu وزوجة نيمي Nimi . وعليه ، يمكن القول أن قبيلة الباكونغو Bakongo ينتسبون إلى هذه المرأة خصوصا إذا ما علمنا أن الكثير من المجتمعات التقليدية الإفريقية كانت Matriarcale .

وتجدر الإشارة إلى أنى نزينغا أنجبت ثلاث أطفال ، طفلين توأمين هما فيتا نيمي Vita Nimi و مبانزو أ نيمي Mpanzu a Nimi وطفلة تدعى لوكيني لوا نيمي Lukeni lwa Nimi
إن المنحدرين من أصل فيتا نيمي تمركزوا بمنطقة كونغو- ديا – مبانغاي Kongo – Dya – Mpangale التي اشتهرت بمناجمها ومحاذاتها لنهر كوانزا Kwanza أو نزادي Nzadi الذي اشتق منه نهر زائير Zaire . كما أسسوا الكثير من الأقاليم لاسيما مبانغالا Mpangala ، مازنغا Mazinga ، نغويو Ngoyo ، مبامبا Mpemba ، لوانغو Lwangu ، نزوندي Nsundi ، مبيندا Mbinda ، مبامبا Mbamba و مبانغو Mpangu .

وفي ذات السياق ، تطورت المملكة بفعل هجرات متتالية لقبائل البانتو في الفترة الممتدة من القرن 7 م و القرن 15 م في مناطق كانت موطنا لقبيلة باكا Baka التي هي من أصل بيغمي . وعلى هذا الأساس ، تم توحيد هذه القبائل تحت سلطة الملك الذي كان يلقب ب مانيكونغو Manikongo وهو الزعيم الروحي في نفس الوقت . كما كان الملك ينتحب من قبل الأعيان المنتمين للإثنى عشر فرقة المشكلة لقبيلة الباكونغو Bakongo .

ج – مظاهر الحياة السياسية والسوسيو- إقتصادية في مملكة الكونغو :

1 – المظاهر السياسية :

أ – الإدارة:

إن مؤسسي هذه المملكة قد اعتمدوا على نموذجاً دائريا يضم أربع مقاطعات Secteurs ونواة كبيرة.
– المقاطعات:

  •  – المقاطعة “صفر” 0: الوجهة البحرية للمحيط الأطلسي غرباً.
  • – المقاطعة 1: كونغو- ديا- مبانغالا kongo –Dya –Mpangalaجنوبا.
  • – المقاطعة 2: كونغو- ديا – مولازا Mulaza شرقا .
  • – المقاطعة 3 : كونغو- ديا- مبانزا Mpanza شمالا .

وباستثناء الوجهة البحرية، ضمت المقاطعات المنوه عنها أعلاه هيئات إدارية تعرف ب ka-Mbamba بالنسبة للمقاطعة الأولى أو المقاطعة رقم واحد، و Ki-Mbemba بالنسبة للمقاطعة 2، وKa-Mbangu بالنسبة للمقاطعة 3. أما بالنسبة للنواة المعروفة ب Zita-Dya-Nza (نواة العالم)، فكان لها تنظيما خاصا خصوصا اذا ما علمنا أنها كانت تظم العاصمة مبانزا كونغو Mpanza-Kongo التي كانت العاصمة للملكة ومقرا للملك المعروف ب مويني Mwene لكن البرتغاليين غيرو تلك التسمية بتسمية جديدة هي ساوسلفادورSao Salvador. أما مبانزا أو نغاندا Nganda فمعناها العاصمة. وعلى هذا الأساس، فتسمية مبانزا كونغو تترجم إلى عاصمة الكونغو.

[iconbox title=”اقرأ:” title_align=”right” content_align=”right” title_color=”#dd3333″ content_color=”#dd3333″ align=”right” type=”vector” icon=”momizat-icon-bullhorn” icon_align_to=”box” size=”32″ icon_color=”#dd3333″ icon_color_hover=”#dd7777″ ]- 7 حقائق مثيرة للاهتمام عن مملكة الكونغو[/iconbox]

إن الهيئات الإدارية للمقاطعات المنوه عنها أعلاه ( كامبامبا ka-Mbanba ، كيمبيمبا Ki-Mbemba ، كامبونغوKa-Mbangu وزيتا ديا نزا Zita-Dya-Nza التي تضم العاصمة مبانزا كونغو) قد شكلت نوع من الفيديرالية السياسية سميت ب كونغو ديانزا Congo-Dya-Nza. وكانت كل مقاطعة تضم سبعة أقاليم تعرف ب ” نكوسي Nkosi ، وكل نكوسي يضم العديد من كي مبوكو Ki-Mbuku الذي يضم بدوره العديد من كي كاي Ki-Kayi.

والجدير بالذكر أن هذا النمط من التهيئة الإقليمية سيتطورمع السنين .
وتذكر المصادر أن مملكة الكونغو بلغت مساحتها 500 كلم مربع في القرن 16 م . لكن تشاء الأقدار أن يتزعزع هذا النظام الإداري بمجيئ البرتغاليين بصفة خاصة والأوربيين بصفة عامة في إطار الكشوفات الجغرافية بتطبيق البرتغاليين لسياسة فرق تسد من جهة ، وتمسيح سكان المملكة من جهة أحرى ، الأمر الذي سيؤدي إلى دخول مملكة الكونغو في مرحلة الضعف بعد عملية استقلال الكثير من الأقاليم على السلطة المركزية في مبانزا كونغو.

ب – التنظيم السياسي :
نجد على رأس هرم السلطة في مملكة الكونغو الملك الذي كان يلقب ب ” مويني Mwene ” أو كما يحلو للبرتغاليين تسميته ب “ماني Mani ” لأن كلمة ماني استعملت بكثرة في الأدبيات أو الكتابات الأوربية ، ويبدو وكأنها ترجمة برتغالية لمويني .

وتجدر الإشارة إلى أن الملك كان ينتخب من قبل الأعيان أو مجلس الحكماء ، كما يذكر التاريخ الشفهي أن أول ملك كان يدعى نيمي لوكيني لوا نزينغا Nimi Lukeni Lwa Nzinga ، فنيمي هو اسم جده بن لوكيني وحفيد جدته نزينغا نكو . أما بخصوص ديوان الملك ، فنلاحظ أنه كان يضم الطاقم التالي :

  • مبينزا كونغو Mbenza Congo وزيرا مكلفا بالمسائل العسكرية .
  •  ني مبونغي Ne Mpungi قائد الجوق الموسيقي بالقصر الملكي .
  •  وافايهيه نتينو Wavadidi Ntinu أحسن النقاشين والرسامين بحيث أن مملكة الكونغو اشتهرت بحرفة النقش على الخشب .

وتجدر الإشارة أن أن هذا التنظيم ينطبق على المحافظات والأقاليم التابعة للسلطة المركزية في مبانزا كونغو .

2 – المظاهرالسوسيو – اقتصادية:

أ – المظاهر الإقتصادية:
حسب مصدر برتغالي يعود تاريخه إلى سنة 1624، فان تأسيس هذه المملكة يعود إلى القرن 13م . ويذكر المصدر ذاته أن امبراطورية الكونغو كانت متطورة تطورا يلفت الانتباه , لأنها كانت تملك شبكة تجارية واسعة , وتزخر بمواد أولية نذكر منها العاج ، النحاس، الذهب من جهة, وتشتهر بصناعة الأواني الفخارية ولها عملة من جهة أخرى.

وتذكر المصادر أن مملكة الكونغو اهتمت بالزراعة لاسيما زراعة السرغو ، الدحن ، الذرى والأرز والمانيوك الذي انتشرت زراعته في نهاية القرن السادس عشر ، إضافة إلى غرس أشجار الموز والإستفادة من أشجار زيت النخيل وقصب السكر. ولوحظ أن مزارعي المملكة قد تميزوا بمهارتهم . والعمل في الأراضي الزراعية كان من اختصاص النساء لأن الرجال كانوا يهتمون بالتجارة والصناعة التقليدية والمسائل العسكرية إلا أنه في بعض الأحيان يقومون بمساعدة النساء في مسألة تحضير الأراضي الزراعية كقطع الأشجار واستصلاح الاراضي في الغابات .

وكان سكان المملكة يمارسون أيضا نشاطات اقتصادية مختلفة نذكر منها تربية المواشي لاسيما الأبقار ، الماعز ، الأغنام والخنازير. ولكن امتلاك الأبقار كان حكرا على الملك والأعيان . كما مارس سكان مملكة الكونغو حرفة الصيد الذي كان يدخل في إطار غذائهم اليومي .

وتجدر الإشارة إلى أن محتكري تقنيات الصناعة التقليدية بما في ذلك الحدادة كانوا عادة من الطبقة الأرستقراطية . ففي المقام الأول ، نجد أولائك الحرفيين الذين يستعملون المعادن كالحديد في صنع مختلف الأدوات والأسلحة . وعلى هذا الأساس ، فهم يحظون بمكانة مرموقة في المملكة بحيث تعادل مكانتهم الإجتماعية القدة العسكريين أو الكهنة والسحرة.

أما النحاس ، فقد كان شائعا استعماله في المملكة بحيث يتم صنع الحلي وبعض الأدوات المستعملة في الحياة اليومية . ومن بين المهن التي كانت لها أهمية كبيرة في المجتمع الكونغولي النسيج باستعمال مواد أولية نادرة أدهشت البرتغاليين عندما وضعوا قدمهم في هذه المملكة بعد تبني حركة الكشوفات الجغرافية . كما ضمت مملكة الكونغو الكثير من المدارس الخاصة بالمهن ، كان من أشهرها :

1 – كيمبوسي Kimposi .
2 – كيمكيمبا Kimkimba .
3 – بويلوBuelo .
4 – ليمبا Lemba.

والجدير بالذكر أن التجارة لعبت دورا كبيرا في التنمية الإقتصادية للمملكة بحيث كان يتم استيراد الملح ، المنسوجات والمواشي . وكانت عمليات الإستيراد أو المبادلات التجارية تتم بمراقة من الملك أو أعيان المحافظات . أما فيما يخص التصدير ، فكانت العمليات تشمل المعادن والمنتوجات المحلية ولكن المملكة في أواخر عهدها شجعت تجارة الرقيق بعد التوغل البرتغالي في المملكة مما سيؤثر سلبا على التركيبة الإجتماعية في هذه المملكة .

ب – المظاهر الإجتماعية :
تذكر المصادر أن المجتمع في مملكة الكونغو تميز بكونه كان مجتمعا يغلب عليه الطابع الطبقي ووجود فوارق اجتماعية بارزة بحيث كان الرجل أهم من المرأة ، وعلى هذا الأساس ، نجد الطبقة الارستقراطية أولا ، ثم يليها الرجال الأحرار، فالعبيد الذين هم ملك للسيد الذي يستفيد من خدماتهم ولكن في المقابل ، يوفر لهم الحماية ويعاملهم معاملة حسنة بما في ذلك تزويجهم . وعليه ، يمكننا القول أن طبقة العبيد تمثل الحد الأقصى من الطبقة الشغيلة في المجتمع . وربما هذا ما يفسر لنا اعتماد البرتغاليين على هذا التقسيم الطبقي لإنجاح تجارة الرقيق بحيث استغل الكثير من العبيد ليصبحوا فيما بعد بمثابة النواة الأولى في مسألة رواج تجارة الرقيق التي عرفتها القارة السمراء بعد الكشوفات الجغرافية .

وتذكر المصادر البرتغالية تمكن سكان المملكة من استعمال النحاس والحديد والخشب، الأمر الذي يفسر لنا تمكنهم من التفنن في صنع التماثيل التي تتسم بأسلوبها النادر الذي أبهر كل الفنانين على مستوى المعمورة من ناحية، ومن ناحية أخرى بواسطته يمكن حل الكثير من الألغاز التي تختبئ وراء كل عمل فني، وبالتالي التعرف على تاريخ هذا الجزء من إفريقيا.

3- سقوط المملكة :

تذكر المصادر أن مجموعة من العوامل ساهمت في سقوط مملكة الكونغو ومن بين أهم العوامل نذكر ما يلي :

1 – إن التواجد البرتغالي في المنطقة ابتداء من نهاية القرن السادس عشر الميلادي في أطار ما كان يسمى بالكشوفات الجغرافية ، بعد بمثابة عامل من أهم العوامل التي أدت إلى سقوط مملكة الكونغو خصوصا إذا ما علمنا أن البرتغاليين إقاموا في البداية علاقات مع ملك الكونغو ، كما اصطحبوا الكثير من رجال الدين المسيحيين للقيام بمهمة نشر الديانة المسيحية حتى أن الملك نزينغا نكو نفسه اعتنق المسيحية سنة 1491 م وشجع
البعثات التبشيرية المسيحية لدخول المملكة ، ومن ثمة الشروع في عملية تمسيح كبيرة ، إضافة إلى بناء المدارس على غرار ما فعله الجزويت الذين بنوا مدرسة ل 600 تلميذ . وتذكر المصادر أن ملك الكونغو أرسل إبنه لوكيني لوا نزينغا Lukeni Lua Nzinga للبرتغال لسيصبح أسقفا أو أول رجل دين مسيحي إفريقي في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية باسم هنريك . وعليه ، يمكن القول أن هذه التحولات قد أثرت سلبا على التركيبة الإجتماعية لمملكة الكونغو بخيث كان ذلك بمثابة بداية النهاية لهذه المملكة الكبيرة التي ستخضع لاحقا للسيطرة الأوربية .

2 – تذكر المصادر أن تجارة الرقيق كانت عاملا كبيرا في سقوط مملكة الكونغو . فبعد تمكن البرتغاليين من اكتشاف البرازيل والشروع في استغلال الإمكانيات الإقتصادية لهذا الجزء من العالم الجديد ، اصبحت الحاجة ملحة لليد العاملة في المزارع . وعلى هذا الأساس ، تبنى البرتغاليون تجارة جديدة عرفت بتجارة الرقيق التي ساهمت إلى حد كبير في انخفاض عدد سكان المملكة . وعليه ، فبعدما كانت الكثافة السكانية تقدر ب 35 ساكن في الكيلومتر المربع ، انخفضت إلى خمسة في الكيلومتر المربع في بداية القرن التاسع عشر .

3 – إنفصال الكثير من المحافظات عن الحكومة المركزية . وعليه ، تقلصت المملكة حتى أصبحت مملكة صغيرة . وفي مؤتمر برلين 1884-1885 تم تقسيم المملكة في ما بين القوى الإمبريالية الأوربية بحيث تم منح جزء لملك بلجيكا كملكية خاصة وجزء للبرتغال ، أما الجزء الآخر ، فآل لفرنسا .

أفريكار