جمهورية ليبيريا.. حب الحرية جلبنا هنا | صحيفة السفير

جمهورية ليبيريا.. حب الحرية جلبنا هنا

خميس, 27/10/2016 - 10:28

منذ بداية تأريخها كانت ليبيريا مرتبطة – وكما يوحي بذلك اسمها – بفكرة الحرية. فقد كانت سابقا مستعمرة لجمعية الاستعمار الأمريكية. وبسبب ضغوط من بريطانيا قبلت الولايات المتحدة منح البلاد سيادتها، مما يجعل ليبيريا أول جمهورية ديمقراطية في التأريخ الأفريقي. وتمت الموافقة على دستورها المصاغ على غرار دستور الولايات المتحدة، وفي عام 1848 انتخب “جوزيف جنكينز روبرتس” أول رئيس للبلاد.

ليبيريا أو – رسميا – جمهورية ليبيريا؛ الدولة الواقعة في غرب أفريقيا, والتي لها حدود مع سيراليون من الغرب, وغينيا من الشمال وكوت ديفوار من الشرق. عاصمتها “مونروفيا”, وبإحصائيات عام 2015؛ كان عدد سكان ليبيريا حوالي 4,503,000 . وجاءت كلمة “ليبيريا” من اللاتينية “liber” والتي تعني “الحرية”.

كان الخط الساحلي لليبيريا في معظمه يتألف من غابات الأيكة الساحلية بينما يتألف الداخل الكثيف بالسكان من غابات تنفتح على هضبة من المروج الأجف. وتمتلك البلاد 40% من غابات غينيا العليا المطيرة المتبقية, كما أنها تتمتع بمناخ استوائي حار مع هطول غزير خلال موسم الأمطار بين مايو وأكتوبر ورياح هارماتان في بقية العام, وتبلغ مساحتها 111,369 كم2 .

في عام 1816, أسس الأميركي “روبرت فينلي” جمعية الاستعمار الأمريكية لإعادة الذين أطلقوا سراحهم من العبيد الأمريكيين الأفارقة إلى أفريقيا. وفي عام 1820 وصل أول فوج للعبيد من الولايات المتحدة إلى سيراليون.

وبما أن الغرض هو إنشاء منطقة ذاتية للعبيد المحررين العائدين, قام وكلاء الجمعية بزيارة الساحل الغربي الأفريقي جنوبا بغرض البحث عن منطقة صالحة للاستخدام، غير أنه تم إنشاء مستوطن من قبل البريطانيين في فريتون. وفي 1821 اكتسبت الجمعية بالاتفاق مع الحكام الأفارقة المحليين منطقة ساحلية معروفة بـ “كيب ميسورادو”، وفي 1822, سميت المنطقة بـ”ليبيريا”, وأطلقت على البلدة النامية في “كيب ميسورادو” بـ “مونروفيا” نسبة إلى رئيس الولايات المتحدة “جيمس مونرو”.

تعرضت جمعية الاستعمار الأمريكية لعدة هجومات وانتقادات من دعاة إلغاء العبودية في الولايات المتحدة، الذين يرون أن إعادة العبيد المحررين من الولايات المتحدة إلى ليبيريا تعزز عملية العبودية وتأسيسها, إضافة إلى كون معظم الأميركيين الأفارقة ليسوا مستعدين لترك أراضيهم الأصلية التي ولدوا فيها – وهي الولايات المتحدة – للانتقال إلى ساحل غرب أفريقيا.

ومع ذلك، فقد عاد واستقر حوالي 15,000 من الأمريكيين من أصل أفريقي في ليبيريا بين عام 1822 والحرب الأهلية الأمريكية، وحصلت البلاد على استقلالها من الولايات المتحدة في عام 1847، وساعدت ليبيريا بريطانيا في جهودها الرامية لوقف تجارة الرقيق في غرب أفريقيا. وقد اعترفت الولايات المتحدة رسميا بليبيريا في عام 1862.

مبنى الكابيتول الليبيري. (الصورة: Jugoslav Spasevski / tourist destinations)

مبنى الكابيتول الليبيري. (الصورة: Jugoslav Spasevski / tourist destinations)

خلال الحرب العالمية الثانية، دعمت ليبيريا جهود حرب أمريكا ضد ألمانيا، وهذا بدوره أدى بالولايات المتحدة إلى أن استثمرت فيها، والذي ساعد أيضا في تحديث وتحسين المرافق الرئيسية في النقل الجوي للبلاد. وإضافة إلى إجراءات التعزيز الاقتصادي التي قام بها الرئيس وليام توبمان.

يعتبر تارئيس توبمان “أب / مؤسس ليبيريا الحديثة”, وذلك لكون فترة رئاسته تميزت بجذبها للاستثمار الأجنبي الكافي لتحديث الاقتصاد والبنية التحتية. وخلال فترة ولايته أيضا، ازدهرت ليبيريا وتطورت تطورا ملحوظا, بإلإضافة إلى قيادته لسياسات من شأنها توحيد صغوف جميع الأطراف والجد من الفوارق الاجتماعية والسياسية بين زملائه الأمريكو – ليبريين والقبائل الليبريين الأصليين. وكل ذلك أدى إلى عظمة صورة ودور ليبيريا دوليا وإفريقيّا, فكانت عضوًا مؤسسًا للأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية.

شهدت ليبيريا منذ استقلالها عدة اضطرابات, بدءا من حرب أهلية مكلفة في عام 1989 التي استمرت حتى عام 1997، عندما انتخب “تشارلز تايلور” رئيسا لليبيريا في انتخابات وصفها البعض بالنزاهة. غير أن إدارته – أي شارليز – اُنتقِدت لدعمها المتمردين في سيراليون الدولة المجاورة.

هذا, وتتكون ليبيريا من 16 قبائل, هي: الكبيلي، باسا، دان (جيو)، ما (مانو)، كلاو (كرو) غريبو، الماندينغو، كران، غولا، باندي، لوما، كيسي، فاي، بيلا (كووا)، و”داي” (داي).

ليبيريا, الدولة الغنية بالموارد الطبيعية، وخاصة خام الحديد والماس والذهب والأخشاب والمطاط. لكن المؤسف أن جل هذه القطاعات أهملت بشكل كبير خلال الحرب الأهلية الليبيرية التي انتهت في عام 2003. وفي غصون 14 عاما من الحرب، أُغلقت جميع الأماكن والشركات التعدينية الرئيسية مما أدى إلى انخفاض مساهمة قطاع التعدين في الاقتصاد بمستوى ضئيل.. ناهيك عن اتهامات الفساد في كل مجالات وقطاعات البلاد الأخرى.

ورغم معانات ليبيريا اليوم وتحدياتها, فما زال هناك مؤشرات إيجابية وأمل بأن البلاد الفريدة بتأريخها ومساهماتها في التغيير بالقارة, ستحوّل مسارها إلى ما هو أحسن وأفضل لأبنائها. وصدقت الكاتبة الليبيرية “ليما غبوي” في قولها, أنا شديدة التفاؤل. فقد جئت من بلد تعطيك القليل من الأمل، ومع ذلك عليك أن تكون دائما متفائلا.