فرنسا: هل لا يزال "فيون" قادرا على الفوز بانتخابات الرئاسة؟ | صحيفة السفير

فرنسا: هل لا يزال "فيون" قادرا على الفوز بانتخابات الرئاسة؟

أحد, 16/04/2017 - 14:00

حشد مرشح اليمين فرانسوا فيون، الذي أضعفته التسريبات الإعلامية حول قضايا مالية، أنصاره يوم الأحد الماضي في لقاء ضخم، في باريس.

كانت حملة فرانسوا فيون الانتخابية محنة طويلة يرافقها تراجع بطيء لشعبيته في أوساط الرأي العام. فهل يستطيع الانبعاث من جديد في السباق النهائي؟ يبدو المرشح مقتنعا بهذه الفرضية. فمنذ بداية العام الحالي، كرر مرارا بأن الحسم في الانتخابات الرئاسية سيحدث في الأسبوعين الأخيرين من الحملة. من الصعب تكذيب طرحه، فالتردد يخيم على طريق الناخبين إلى صناديق الاقتراع بشكل كبير. بعد حملة تحولت إلى فوضى عارمة بسبب التسريبات شبه اليومية لمعلومات عن نمط حياته التي تلاها التحقيق القضائي معه. نظم مرشح اليمين لقاء حاشدا في بورت دو فرساي في باريس، يوم الأحد 9 أبريل/نيسان، حيث توالى على المنصة قياديو حزب "الجمهوريون" من أمثال فرانسوا باروان وإريك سيوتي ولوك شاتيل وفاليري بيكريس وأيضا برونو روتايو، الذي أعلنوا جميعا وقوفهم وراء فيون.

كانت العملية ناجحة وخرج أنصار "الجمهوريون" متحمسين من اللقاء. ليس فقط بسبب الخطب التي ألقيت، ولكن أيضا لأن سياق حملة فيون يتحسن بشكل واضح. فأغلب استطلاعات الرأي تظهر تقاربا كبيرا بين المرشحين الأربعة الأوفر حظا. صحيح أن فيون ما يزال الثالث في نتائج الاستطلاعات، بل تجاوزه جان-لوك ميلنشون في استطلاع نشر يوم الأحد الماضي. لكنه انتزع في العديد من الاستطلاعات الأخرى على ما يتراوح ما بين 0,5 و 1,5 بالمئة من نوايا التصويت لكل من مارين لوبان وإيمانويل ماكرون اللذين يظلان جامدين. واعيا بهذا التحول في مسارات نوايا التصويت، صار فيون، وهو النائب البرلماني عن مدينة باريس موقنا بأن نتائج الانتخابات ستكون متقاربة وقد يفلح في العبور من ثقب الإبرة إلى الدور الثاني.

"إنهم غاضبون ومغتاظون"

تتعزز هذه القناعة بتجربة الانتخابات التمهيدية لليمين، فحينها لم يستقر الناخبون على رأي إلا في الأسبوعين الأخيرين. ورغم صورته التي شوهت كثيرا مقارنة بشهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فإن فرانسوا فيون يحلم بالنجاح، وكرر عبارة "سأكون في الدور الثاني"، أكثر من مرة يوم الجمعة على أثير إذاعة "فرانس أنتير" مضيفا: "هذه الاستطلاعات دقيقة، لكنني مقتنع كليا بأنها موجهة وفق طبيعة عينات المستجوبين والأسئلة وخاصة بالجو السياسي العام (...) هذا تماما ما رأيناه خلال الانتخابات التمهيدية".

ولهذا حضّر المرشح برنامجه للأيام 14 الأخيرة من الحملة بشكل دقيق. فالتجمع الخطابي الكبير في باريس، ستتبعه عدة تجمعات في كبرى المدن: (مرسيليا، ليون، ليل، نيس)، ولكن أيضا من خلال زيارات رمزية، ربما إلى منطقة سارث. "قد تمر الأمور مثلما وقع خلال التمهيديات أي صعود مدهش لفرانسوا فيون في الأيام الأخيرة. فالناس يقررون في تلك الفترة"، يأمل فانسون شريكي، مدير حملته الانتخابية.

من أجل تدارك تأخره، يراهن فرانسوا فيون على المشاركة الكبيرة لقاعدته الانتخابية، واستعادة جزء من الناخبين الذين تخلوا عن مناصرته بعد القضايا التي تمسه. كما أن رسائل الدعم من نيكولا ساركوزي وآلان جوبيه، يوم الجمعة الماضي، كانت ثمينة، لأن الرئيس السابق توجه إلى قواعد المناضلين الأشد وفاء له، ولأن لعمدة مدينة بوردو ثقل كبير في أوساط الناخبين من اليمين المعتدل. ومن أجل إقناع هؤلاء المستاءين، فإن فيون يقضي جل وقته خلال التجمعات الخطابية في تقديم مشروعه قبل شخصه. ويأمل أن "شعب اليمين"، حتى ولو كان قلقا بسبب القضايا التي تلاحقه، سينتهي في آخر المطاف بالتشبث ببرنامجه الليبرالي والمحافظ بعد مقارنته ببرامج كل من لوبان وماكرون.

"حينما يسأل الناس اليوم في الاستطلاعات فإنهم يجيبون بكل صدق بأنهم لن يصوتوا لنا. لأنهم غاضبون ومغتاظون،" يلاحظ لورون فوكيي ويردف: "لكن حينما سيدخلون الغرفة السرية للانتخاب، أمام ورقة تصويت وحيدة لليمين والوسط، سيقولون: "طيب، هيا! سأصوت لليمين والوسط". انطلاقا من هذه الفكرة يتشبث أنصار فيون بفرضية أن هناك من يكتمون رغبة التصويت لصالحه، ولا تستطيع الاستطلاعات احتسابهم.

تنطلق هذه الاستراتيجية من فرضية أن اختيارات الناخبين خلال الانتخابات الرئاسية ستتحدد انطلاقا من البرامج أساسا. وهو تحليل محل نقاش. لأنه خلال الانتخابات الرئاسية الحالية يتركز النقاش حول الشخصيات، وتشكل شخصية المرشح عنصرا مهما للاختيار لدى جزء من الناخبين. وقد فقد فرانسوا فيون الكثير في ما يخص هذه الناحية بعد التسريبات المختلفة المرتبطة بعلاقته بالمال.

وبحسب استطلاع لمؤسسة Ipsos-Sopra Steria، نشر يوم 5 أبريل/نيسان، فإن النزاهة والاستقامة هما في واقع الأمر أهم المزايا بالنسبة إلى رئيس الجمهورية، حسب وجهة نظر غالبية المستطلعين، فيما يحصل فرانسوا فيون المرشح على أقل معدلات الثقة في أوساط الناخبين، ضمن المرشحين "الخمسة" الأكثر حظوظا.

المكانة والخبرة

على الرغم من أنهم يظهرون تفاؤلهم أمام الميكروفونات، فإن نواب اليمين يعلمون أن المعادلة ما تزال معقدة. ففيون لا يملك جميع أوراق اللعبة بين يديه. وعليه أن يراهن على انهيار أحد المرشحين الأوفر حظا. "من الآن فصاعدا، فإن كل شيء معلق على زلات الآخرين، خاصة ماكرون، الذي يملك مفاتيح الانتخابات"، يصرح نائب برلماني عن "الجمهوريون". وهي المعلومة التي لا تغيب عن ذهن رئيس الوزراء السابق. ففي أغلب مداخلاته يستهدف إيمانويل ماكرون، وينعته بـ"إيمانويل هولاند"، خاصة أن ناخبي هذا الأخير، أقل تأكدا من نواياهم مقارنة بأنصار مارين لوبان. "سيكون ماكرون مثل جوبيه خلال هذه الانتخابات. فدعم فالس له كان قبلة قاتلة، كما هو الحال بعد دعم بايرو لجوبيه"، حسب برونو روتايو، منسق حملة فيون.

من أجل إبراز اختلافه مع وزير الاقتصاد السابق، يصر فيون على عدم تناسق أغلبية ماكرون المستقبلية، ويصفه بوريث فرانسوا هولاند. وهي الطريقة التي يحاول عبرها تمرير رسالة مفادها أنه المرشح الوحيد القادر على تحمل مهمة التناوب السياسي، ولهذا الغرض يحاول إبراز أن له خبرة سياسية أكبر. هذا الملمح في شخصيته يتكرر في خطابات قيادات اليمين منذ عودة التوتر الدولي الذي أعقب الهجوم الكيميائي الذي أسقط 87 قتيلا في سوريا يوم الثلاثاء 4 أبريل/نيسان، والضربة الأمريكية ضد النظام يوم الجمعة 7 أبريل. ويعتقد أنصار فيون أن هذا السياق المقلق سيدفع بعض الناخبين إلى اختيار رجل ذي خبرة على رأس السلطة في البلاد.

"لا أحد يمكنه الابتهاج بالتوترات الدولية، لكن في هذا السياق الحزين، فإن الجميع يمكنهم قياس إلى أي مدى تكون المكانة والخبرة حاسمتين بالنسبة إلى رئيس فرنسا"، يشرح لنا جيروم شارتيي.

خلال هذه الحملة التي تهيمن عليها الفضائح وبحكم قرب موعد الدور الأول من الانتخابات الذي يطبعه التردد، فإن فرانسوا فيون لم يتنازل بشكل كلي. بفضل قاعدة الأنصار هذه التي مكنته من عدم الغرق، يمكنه أن يستمر في الحلم باندفاعة قوية. لكنها لن تتحقق إلا بشروط عدة: "إنه الآن في موقع ضعيف بالنسبة إلى ما يمكن أن يكون عليه مرشح لليمين. ويظل رهانه الأساسي هو حشد الناخبين الموزعين ما بين ماكرون ولوبان وديبونت-إنيان، وأن يغري الناخبين اليمينيين المقاطعين للتصويت"، يشرح فردريك دابي، المدير المساعد لـ IFOP (المعهد الفرنسي للرأي العام)، الذي يذكرنا بأن ثلاثين بالمئة من الذين اختاروا نيكولا ساركوزي في العام 2012 ليسوا واثقين بعد من اختيارهم.

ورغم أن الأمل لا يزال ممكنا، فإن موقع فيون، لا يزال بعيدا عن وضع المرشح الأوفر حظا. "يظهر تاريخ الحملات الانتخابية الرئاسية أن كل المرشحين الذي صنفوا ثالثا في استطلاعات الرأي قبل أسبوعين من الانتخابات لم يمروا إلى الدور الثاني، ما عدا في حالة جان ماري لوبان في 2002" يذكرنا دابي ويضيف: "لكن التاريخ صنع لكي يتم قلب موازينه وصحيح أننا أمام حملة استثنائية." خاصة تلك التي يقودها فرانسوا فيون.

لموند