ولد حرمه: لا نعارض إقامة علاقة مع دولة اسمها إسرائيل تلتزم بالمواثيق الدولية | صحيفة السفير

ولد حرمه: لا نعارض إقامة علاقة مع دولة اسمها إسرائيل تلتزم بالمواثيق الدولية

أربعاء, 16/11/2016 - 17:33

الدكتور الشيخ ولد حرمه رئيس حزب الملتقى الديمقراطي (غير المرخص) لـ"السفير":  

الانــدمــاج في حــزب آخــر نصــف حل قــد نلجــأ إليــه

لا نعارض إقامة علاقة مع دولة إسمها إسرائيل تلتزم بالمواثيق الدولية

حظر حزب "حمد" التعسفي حجة قائمة على غياب الديمقراطية في بلدنا

 

الدكتور الشيخ ولد حرمه ولد بابانا، من مواليد 1945 في اركيز، ينحدر من أسرة سياسية لها أثرها الكبير في التاريخ السياسي الموريتاني الحديث،  دكتور اختصاصي في الأشعة، دخل معترك السياسية بقوة إبان الانتخابات الرئاسية الفارطة كأحد القيادات البارزة في حملة المرشح محمد خونه ولد هيداله، واعتقل بعيد الحملة الانتخابية لتتم محاكمته في القضية المعروفة بـ "اغراب"، كما اعتقل أيضا وحوكم في واد الناقة بتهمة دعم المتورطين في المحاولة الانقلابية، قبل أن تبرأ ساحته.

أسس قبل فترة صحبة لفيف من رفاقه في حملة محمد خونه ولد هيداله حزب الملتقى الديمقراطي "حمد" الذي رفضت وزارة الداخلية الاعتراف به، دون إعطاء أي تبرير لذلك إلا أن قيادة  الحزب ظلت متمسكة بإطارها السياسي الذي تعتبره استوفى كافة الشروط المطلوبة للاعتراف به كحزب...

التقيناه، فقبل مشكورا الحديث إلينا ضمن هذه المقابلة الشاملة التي تحدث فيها عن حزبه، وعن أجندة الحزب السياسية المستقبلية، ورؤيته لمختلف القضايا الوطنية المطروحة...

السفير:  ما سر اهتمامكم الجديد بالسياسة؟

د/ الشيخ حرمة بابانا: سبق و أن أجبت على هذا السؤال في أكثر من مقابلة صحفية  و مجمل ما قلته هو أن اهتمامي بالشأن العام لبلدي ليس أمر ظرفي و لا توجه  محدث في حياتي لكنه نتيجة تمرس و تمدرس في أحضان والدي رحمه الله  ومرافقته خلال مساره السياسي و النضالي الحافـل. علمني رحمه الله أن أناضل من أجل القيم العليا التي غرسها بقوة في وجداني. ومن أجلّ تلك القيم وارفعها، قيم الدفاع عن الحق والوطن ومقاومة الظلم والاستكبار والهيمنة. تعلمت منه أن بناء الوطن وتحريره  هو عملية شاملة لا تقتصر على العمل السياسي فقط، ولكن العمل السياسي جزء أصيل منها. لذا مارست في الفترات السابقة أشكالا متعددة من الأعمال التي تساهم في بناء وطننا ورفعة شأنه، لأنني  كنت أعتبرها ذات أولوية و أن ممارسة العمل السياسي فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين. وكان تقديري  في الفترات السابقة أن المشكلات التي تعاني منها موريتانيا يمكن أن تحل من خلال التدافع السياسي السلمي بين الفرقاء الموجودين في الساحة السياسية، ولم أكن أسعى إلى زيادة عدد "الأحزاب" وتفتيت الجهود السياسية أكثر.

 أما الآن فأعتقد أن العمل السياسي يأتي في مقدمة الأولويات، لذا اضطررت إلى الدخول فيه، لما تضخمت المشكلات و تفاقمت و وصلت مياه سيل أخطاء النظام و خطاياه إلى كل عتبة و هي تصيب كل يوم كياننا في مقتل و تمارس بعواطف متجلدة في غياب كامل للوازع الديني و للمحاسبة القانونية، منذرة بكارثة لا يستطيع وطننا ومواطنونا تحمل نتائجها.

 السفير:  أعلنتم مؤخرا عن نيتكم إعادة الكرة إلى وزارة الداخلية من أجل الحصول على الاعتراف. أين وصل ذلك؟ و ما هي الوسائل الجديدة التي تستخدمونها لهذا الغرض؟

د/ الشيخ حرمة بابانا: نعم. سنحاول من جديد وضع ملف حزبنا لدى وزارة الداخلية. نأمل أن لا يتمادى النظام في تجاوزاته التعسفية و خرقه السافر المشين للدستور و القوانين، و هو المنوط أمانة  بحماية الدستور و السهر على احترام القوانين، فكيف يعقل أن يكون هو من يزدريها و يدوسها؟ نأمل أن يراجع النظام نفسه   فيستلم ملفنا و يعطينا الوصل الذي يخول لحزبنا النشاط المشروع،  كما تنص على ذلك القوانين. و كأن النظام المسيطر في موريتانيا لا يدرك أنه مدرج في لائحة الأنظمة الفاسدة بسبب هذه الممارسات و هذه التجاوزات المقيتة و أن اسمه  لن ينزع من هذه اللائحة ما لم يحترم قواعد النظام العالمي الجديد و يساير تياره . و إلا تخلف عن الركب و أدركه الغرق. يستخلص من تعثر و تلعثم المسار الديمقراطي في بلدنا و إصرار النظام على التمسك بممارساته الاستبدادية التعسفية الملتفة على حقوق الإنسان و العابثة بكرامة المواطن، يستخلص من ذلك كله و من غيره من الممارسات السيئة التي لا يتسع المجال لذكرها، أن الحكام في بلدنا لا يقرؤون و لا يتتبعون بما يكفي من الوعي و التحليل المحدثات السياسية و التطورات الجيوستراتيجية العالمية،  فلم يستوعبوا توجه عالم الألفية الثالثة  و ظنوا أنه بإمكانهم مغالطة صناع القرار و القائمين على هذا النظام. و حظر حزب "حمد" التعسفي هو حجة قائمة و شاهد إثبات على غياب الديمقراطية في بلدنا.

السفير:  هل أنتم  مصرون على التمسك بحزب "حمد"؟ و لماذا لا تستفيدون من تجربة حزب العمل من أجل التغيير و التحالف الشعبي أي زواج الشرعية و الشعبية و تندمجون في حزب آخر؟

د/ الشيخ حرمة بابانا: لا نرى تشنج النظام و تعنته و ازدراءه للمواطنين وسطوه على حقوقهم   مبررا للتخلي عن حزبنا و مبادئنا و قناعاتنا السياسية. بل لا يزيدنا ذلك إلا إصرارا على العمل الجاد من أجل استيفاء حقوقنا التي لن تسقط بالتقادم أو التجاهل أو الابتزاز و الترهيب. أما الاندماج في حزب آخر فهذا نصف حل قد نلجأ إليه و يبقى المشكل الجوهري قائم و هو هضم حقوق المواطن و التلاعب بالقوانين و المؤسسات

السفير:  يرى البعض أن حزب "حمد" حزب الإسلاميين و أنكم مجرد واجهة يختفي وراءها الإسلاميون اعتبارا لضرورات المرحلة. فما قولكم؟

د/ الشيخ حرمة بابانا: هذا رأي سفيه و كلام فاسد  يروجه المرجفون و أصحاب النوايا السيئة،  محاولة فاشلة لبث الفتنة و التفرقة بين صفوف تجمعنا القوي المتماسك، كما تروجه بعض الجهات الرسمية لتبرر رفضها استلام ملف حزب "حمد".  هذا الزعم مردود لعدة وجوه نذكر من بينها:

أولا: أني ما خنعت و ما ركعت قط إلا لله و ما قبلت قط أن أكون  واجهة أو آلة لأي أحد مهما عظم شأنه و مهما كان المقابل. ثانيا: يتشكل  حزب "حمد" من أربع حساسيات هي : الزنوج و حركة الحر و الإسلاميون و المستقلون. كيف يعقل أن يكون كل هؤلاء متواطئون، متخاذلون و متنازلون عن حقهم و مكانتهم في هذا الحزب لصالح الإسلاميين ؟ لماذا؟ ومقابل ماذا؟

السفير:  هل تتقاطعون مع الإسلاميين في كل الرؤى أم أن هناك نقاط اختلاف؟ و ما هي؟

د/ الشيخ حرمة بابانا:

لا أدري لم تخصون الإسلاميين دون غيرهم. كيفما كان وجه سؤالك و خلفيته أقول لك أنه يوجد  تطابق تام في الرؤى بين جميع مكونات حزبنا حول القضايا الجوهرية للوطن و ثقة القاعدة مطلقة في قيادتها.

السفير:  باختصار ما هي الأولويات التي يضعها "حمد" نصب عينيه كأهداف؟

د/ الشيخ حرمة بابانا: الهدف الأسمى الذي نطمح إليه كموريتانيين قبل شيء هو إخراج بلادنا من الأزمة التي تعيش فيها منذ زمن طويل و التي تزداد و تتحكم يوما بعد يوم. مظاهر هذه الأزمة و تجلياتها لا يسلم منها قطاع. مصدرها الرئيس و منشؤها الأصلي هو الاستبداد ومصادرة الحريات . كل ما تعرفه البلاد و تعاني منه من فقر و جهل و سوء تسيير و فساد إداري و أخلاقي و تلاعب بالمال العام و تفشي النعرات القبلية إلى غير ذلك من الممارسات الفظيعة، هو ناتج عن سياسة النظام الاستبدادية و ممارساته الإقصائية و كبته لحريات الشعب و سطوه على خياراته. انطلاقا من هذه المعطيات فإننا نعتبر أن أولى الأولويات هو إجراء سلسلة من الإصلاحات المؤسساتية، في مقدمتها وضع و تثبيت دولة القانون مدعومة بمؤسسات جمهورية، حرة و مستقلة، ذات مصداقية وفعالية. حينها سيمكن التصدي لشتى مظاهر الفساد. حينها يصبح الكلام عن النمو الاقتصادي له مدلول لأنه لا نماء دون استقرار و لا استقرار دون عدالة و لا عدالة دون حرية و حيث أن الحرية لا تتجزأ فإنه لا حرية حقيقية و كاملة في غياب دولة القانون  و المؤسسات.

ارشيف السفير العدد 102 بتاريخ 25 ابريل 2005