موريتانيا: قنينات غاز البوتان…أسعار تتزايد.. ومحتويات تتناقص | صحيفة السفير

موريتانيا: قنينات غاز البوتان…أسعار تتزايد.. ومحتويات تتناقص

ثلاثاء, 15/11/2016 - 12:19

شهدت مادة الغاز خلال السنوات القليلة الماضية ارتفاعا مذهلا لأسعارها، مما جعل عادة استهلاكها تتراجع إلى حد كبير خصوصا في الأحياء الفقيرة داخل العاصمة.

ولم يقع المواطن البسيط ضحية لارتفاع أسعارها فحسب؛ وإنما أصبح يعاني من التلاعب بالتناقص المستمر والملاحظ لكميات الغاز الموجودة داخل القنينات.

 

ظهرت بوادر تفاقم أزمة الغاز -سعة وسعرا- منذ بداية السنة الجارية؛ لاحظ معظم المستهلكين تناقص كميات الغاز داخل القنينات التي يستهلكونها، فبدلا من مدة شهر كامل -على أقل تقدير- قبل استنفاد غاز قنينة من الحجم الكبير (B12) أصبحت هذه القنينة في حاجة إلى الاستبدال مرتين أو ثلاث مرات خلال الشهر الواحد، بل إن السيد الطالب (رب أسرة في عرفات) أكد للجريدة أنه قام باستبدالها بعد شرائها بأقل من ثلاثة أيام، مضيفا أنه شاهد نفس الشيء في معظم منازل جيرانه.

وفيما يخص سعر الغاز فقد تمت زيادته بداية من شهر مارس المنصرم بأكثر من 30% من سعره السابق، تلك الزيادة التي لا يرى المستهلك مبررا لها.

فحسب السيد أحمد (رب أسرة في تيارت) "كان على الشركة أن تكتفي بأرباح زيادتها السابقة لسعر مادة الغاز، التي لن نتردد في استبدالها باستعمال الحطب إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه من ارتفاع الأسعار وقلة الغاز داخل القنينة" حسب قوله.

 

الموزعون الصغار:

نحن نعاني كما يعاني المستهلك!!

أجمع الموزعون الصغار لمادة الغاز -الذين التقيناهم- في مختلف مقاطعات العاصمة، على أنهم يقعون ضحية -وبنفس الدرجة- مع المستهلك العادي؛ لظاهرة ارتفاع سعر الغاز، وضآلة محتوى القنينات.

وبخصوص القنينات ناقصة الوزن قال معظم الموزعين الصغار إنهم يدركون نقص حجمها، غير أنه ما من سبيل أمامهم غير بيعها -كما هي- للمستهلكين بسبب ارتفاع سعر شرائها أو محاولة ردها للموزعين الأساسيين؛ الذين يمتنع معظمهم عن إقالتها أو استبدالها بقنينات ملأى بمادة الغاز، لكن بعضهم قال إن من الموزعين الكبار من يقبل استبدالها لبيعها بسعر مخفض أو استعمالها في أغراضه الخاصة.

ويشكو هؤلاء الموزعون من كثرة الشتائم التي يتلقونها من بعض المستهلكين الذين يحملونهم مسؤولية ارتفاع سعر الغاز، ونقصان كميته.

 

الموزعون الكبار:

نتحمل تذمر المستهلكين وأخطاء الشركة!!

يرى كبار موزعي مادة الغاز داخل مقاطعات العاصمة أنهم يقعون ضحية لجميع الأخطاء التي ترتكبها شركة "سوماغار" التي هي المسؤولة بصفة مباشرة عن التطفيف في كيل الغاز داخل القنينات -حسب تعبيرهم- كما أنهم يعانون من رفع الشركة لأسعار الغاز، بحيث لم تترك لهم -كما يقولون- هامشا معقولا للأرباح.

فقد أوضحوا للجريدة أنهم يشترون القنينة الواحدة من الحجم الكبير بمبلغ 2100 أوقية ويتحملون نقلها إلى مخازنهم وما يترتب على طول الطريق الرابط بين مستودعات الشركة على شاطئ المحيط ومخازنهم في مختلف المقاطعات؛ ومع ذلك فهم يبيعون القنينة الكبيرة (B12)  للموزعين الصغار بمبلغ 2200 أوقية حسب تعبيرهم.

ويجمع كبار الموزعين على أن شركة "سوماغاز" لا تقبل إعادة القنينات ناقصة الوزن، مما يكبدهم خسائر كبيرة بسبب قبول رد بعضها  من طرف الموزعين الصغار.

 

إدارة شركة سوماغاز:

يوجد في السوق من يوزع غاز فنينة واحدة على عدة قنينات!!

 

ولمعرفة رأي إدارة الشركة الموريتانية للغاز "سوماغاز" حول هذا الموضوع حاورت الجريدة السيد أحمد ولد السالم مستشار المدير العام المكلف بالإعلام الذي أدلى لنا بالتصريح التالي:

أود أن أذكر في البداية بأن الدولة أسست شركة "سوماغاز" لإيجاد حل لمشكلة التصحر، في ظرف معين كان فيه السبب الرئيس لذلك التصحر هو الاستهلاك المفرط لمادة الفحم في جميع البيوت الموريتانية على امتداد التراب الوطني، ولذلك أسست "سوماغاز" لتغيير هذه العادة التي لم يكن تغييرها بالأمر الهين، بسبب صعوبة تغيير المجتمع الموريتاني لعاداته.

لكن كيف يمكن لأسعار الغاز أن تنافس أسعار الفحم الرخيصة؟ يبدو ذلك غير ممكن، بدون مشاركة فعالة ومساهمة من الدولة التي تحملت في البداية -إن لم نقل إنها باعت الغاز بصورة مجانية- تحملت 80% من التكلفة، ونتيجة لذلك تمكنت الشركة خلال ظرف وجيز أي 16 سنة منذ إنشاء الشركة، تمكنت من تعميم مادة الغاز؛ على الأقل في المدن الرئيسة؛ حيث أصبح المحروق الأساسي في البيوت على حساب مادة الفحم التي أصبحت هامشية في الحياة اليومية لمعظم الأسر الموريتانية، ولم يبق سوى المناطق النائية ذات الطابع الرعوي التي لا زالت تستهلك الفحم أكثر من غيرها، إلا أن الشركة تعتزم التواجد في تلك المناطق النائية أولا، والتي لا يزال استهلاك الفحم فيها ينافس استهلاك الغاز.

لقد أنشأت الشركة مراكز في البداية في نواكشوط وانواذيبُ قبل أن تقيم مراكز أخرى في المدن الداخلية الكبرى مثل كيفه، والنعمة، وأطار.. وحتى تجكجة؛ فنحن الآن نعمل على إنشاء مركز خاص بها، وازويرات، ونشاطنا في هذا المجال مازال مستمرا.

أما بخصوص المسائل التي يشتكي منها بعض المواطنين الذين لا يدركون حقيقة الغاز، فلابد من التذكير بأن شركة "سوماغاز" تبيع بالخسارة وبأن أسعار الغاز لم تشهد زيادة منذ سنة2001، فالسعر لابد أن يكون متفقا عليه بين الشركة والدولة، وقد وضع له حد معين يكون أساسا لتحديد تعويض الدولة لخسارة الشركة..

وكان هذا السعر المتفق عليه نموذجيا بالنظر إلى أسعار الغاز المعمول بها في السوق الدولي والتي وصلت إلى 260 دولارا للطن الواحد؛ ولكن الدولة زادت تسع دولارات ليصل سعره إلى 269 دولارا كحد أقصى لتأمين استقرار سعره في حالة حصول ارتفاع عالمي في أسعار الغاز، ومنذ سنة2001 وحتى اليوم تجاوز سعر الطن عالميا مبلغ 560 دولارا؛ فالفرق شاسع والارتفاع هائل، ولكن "سوماغاز" لم تعكس تلك الأسعار على السوق المحلي إلى أن أدركت الدولة عدم قدرة ميزانيتها على تحمل تعويض خسارة ارتفاع من هذا النوع فكان أن اتخذ قرار وزاري مشترك بين الوزارات المعنية (وزارة التجارة، وزارة النفط والطاقة، ووزارة التنمية الريفية) بتاريخ مارس2005 ويقضي هذا القرار برفع أسعار الغاز بنسبة 30% تقريبا. لكننا نشير إلى أنه إذا طبقت الأرباح المتوافق عليها بين الدولة والموزعين فلن يكون هناك ارتفاع كبير لسعر الغاز؛ غير أن زيادة عدد حلقات التوزيع الفاصلة بين "سوماغاز" والمستهلكين هي التي تؤدي إلى أن تعمل كل حلقة على كسب ربح خاص بها على حساب المستهلك العادي، وهذه ليست مسؤولية "سوماغاز" لكننا شجعنا موزعينا الخاصين على أن يتولوا التوزيع المباشر؛ حتى لا تتم زيادة الأسعار.

إلا أنه لابد أن تؤخذ اعتبارات أخرى بعين الاعتبار منها أن السوق حرة وليست موجهة، والدولة اعتمدت عدم التدخل في تحديد الأسعار لأجل المنافسة الحرة.

أما بخصوص نقص مادة الغاز داخل القنينات فإذا شئتم أطلعتكم على كيفية تعبئتها من خزاناتنا حتى تتأكدوا من أن العملية تتم بصورة آلية لا دخل لنا فيها، وأن أية قنينة صادرة عن أحد مراكز الشركة لابد أن تكون ملأى بما هو مبرمج لها أصلا. لكننا لا ننكر وجود عمليات من هذا القبيل خارجة تماما على القانون، وعلى إدارة الشركة، وقد اطلعنا مرارا على ذلك؛ حيث نقوم تارة بمصادرة القنينات المستعملة في هذه العملية، ونقوم أخرى بإبلاغ السلطات العمومية لكي تقوم بواجبها، فلاشك أن هناك أشخاصا لديهم وسائل بدائية لنقل الغاز من قنينة إلى عدة قنينات وهم -علاوة على مخالفتهم للقانون- يقومون بعمل ينطوي على خطورة تامة قد يعرض حياتهم وحياة غيرهم من الأبرياء للخطر.

 

أحد عمال شحن الغاز في القنينات:

ننقص محتويات القنينة بأوامر من الإدارة!!

وللإحاطة بمختلف جوانب الموضوع قمنا بزيارة ميدانية لمكان شحن القنينات بمادة الغاز حيث أدلى لنا أحد عمال الشحن -فضل عدم الكشف عن اسمه- الذين يباشرون عملية الشحن بالتصريح التالي:

اعتقد أنكم قد أصبتم هذه المرة، فأنا دائما أشاهد بعض الصحافة في مباني الإدارة للسؤال عن أشياء لا يمكن للإدارة أن تجيب عليها بصراحة تامة، وبما أننا نحن عمال الشحن أدرى من الإدارة بما تودون الاطلاع عليه، فأقول لكم الحقيقة -كل الحقيقة- وأجري على الله:

عندما يكون الغاز موجودا بكثرة نضبط أداة الشحن على 12 كلغ للقنينة الكبيرة (B12) و6 كلغ للقنينة المتوسطة (B6) و3 كلغ للقنينة الصغيرة (B3) وهذا هو الحجم الطبيعي.

أما عندما تنقص الكميات الاحتياطية لدى الشركة فإننا نتلقى أوامر -مباشرة- من كل من الإدارة المالية والإدارة التجارية بضبط أداة الشحن على كميات أقل من الحجم الطبيعي؛ وذلك على النحو التالي:

- القنينة الكبيرة ذات السعة 12 كلغ يتم شحنها بما بين 8-9 كلغ

- القنينة المتوسطة ذات السعة 6 كلغ يتم شحنها بما بين 4-4.5 كلغ - القنينة الصغيرة ذات السعة 3 كلغ يتم شحنها بما بين 1.5 -2 كلغ.

أرشيف السفير :العدد  121