ملف "السلفيين": إطلاق سراح 8 بحرية مؤقتة وولد السمان يمثل أمام الغرفة الجزائية | صحيفة السفير

ملف "السلفيين": إطلاق سراح 8 بحرية مؤقتة وولد السمان يمثل أمام الغرفة الجزائية

سبت, 15/10/2016 - 18:58

قررت الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا إطلاق سراح ثمانية من السجناء الإسلاميين بحرية مؤقتة وضمانة؛ وقد جاء القرار كالتالي:

"قررت الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا في مشورتها قبول الطعن شكلا وفي الأصل تأكيد القرار رقم 150/05 بتاريخ 14 /09/ 2005 الصادر عن الغرفة الجزائية كما قررت الإفراج عن المتهمين الثمانية التالية أسماؤهم:

محمد سيديا ولد سليمان ولد اجدود الملقب النووي.
محمد ولد أحمد الملقب الشاعر (68 الرشيد لأبيه أحمد ولد سيد أحمد ولأمه أسريه)
عبد الله ولد أحمد ولد أمينُ
محمد الأمين ولد السالك (71 انواكشوط لأبيه السالك ولأمه صفية)
أحمد ولد محمد عبد الله (1962 وادي الناقة لأبيه محمد عبد الله ولأمه ميم)
محمد الأمين ولد الحسن (1984 كرمسين لأبيه الحسن بن الحضرامي ولأمه فاطمة بنت أبتِ)
محمد الحسن ولد عبد الرحمن (1981 انواكشوط، لأبيه محمد عبد الرحمن ولأمه عائشة).
محمد محمود ولد السالك (1978 أشرم لأبيه السالك ولد مسعود ولأمه غظفة بنت هارون)

مع شرط ضامن لكل واحد منهم لإحضاره عند طلبه، كما قررت إحالة جميع الملفات لمحاكمة المتهمين في أسرع وقت".

ويأتي قرار المحكمة ليؤكد حكما أصدرته منذ أشهر محكمة الاستئناف بانواكشوط يقضي بالإفراج المشروط عن واحد وعشرين من قيادات ونشطاء التيار "السلفي"

 اتهموا في عهد الرئيس السابق بـ"الارتباط بالجماعة السلفية الجزائرية للدعوة والقتال وبإنشاء تنظيم يدعى  الجماعة الموريتانية للدعوة والقتال والتخطيط لشن هجمات إرهابية وأعمال عنف في موريتانيا".

وقال محامي أحد المتهمين انه يتعين على المستفيدين من قرار الإفراج المؤقت تقديم "ضمانة إحضار" ودفع ضمانة مالية تبلغ 5000 أوقية كما أنه يتعين إعادتهم إلى السجن على الأقل 24 ساعة قبيل المحاكمة..

واستثنت المحكمة العليا من قرارها 13 متهما بينهم عدد من قيادات التنظيم وآخرين متهمين "بالمشاركة في القتال في صفوف الجماعة السلفية الجزائرية وتأسيس الجماعة  الموريتانية للدعوة والجهاد".

 وأحالت المحكمة ملفات المتهمين الواحد والعشرين إلى محكمة جنايات العاصمة لإجراء محاكمة دون أن تحدد موعدا لذلك.

أهالي المفرج عنهم تلقوا القرار بارتياح كبير وسط مظاهر فرح بادية على وجوه أقاربهم الذين تجمعوا حول السجن المدني في انتظار خروج المفرج عنهم؛ فيما عبر أهالي الذين لم يشملهم القرار عن سخطهم إزاء ما وصفوه بـ"الانتقاء" في قرارات القضاء.

للإشارة فإن هؤلاء السجناء قد قضوا سنة وأربعة أشهر أحد عشر شهرا منها أصدرت فيها محكمة الاستئناف أمرا بمنحهم الحرية المؤقتة ولم تستجب النيابة العامة لهذا الطلب إلا أمس؛ وإن كان ناقصا في اعتبار البعض. فما زال في السجن عشرة من المتهمين وهم:

أحمد ولد الكوري (1972 المجرية لأبيه الكوري ولد اكبش ولأمه السلطانه)
أحمد ولد هين (1978 بانواذيبُ لأبيه هيين بن مولود ولأمه مريم بنت أعمر شين)
عبد الرحمن ولد الغوث (1975 بانواذيبُ لأبيه الشيخ سيد أحمد، ولأمه الوالدة بنت محمد)
سيدي ولد اباه الإمام (1979 في انواذيبُ لأبيه اباه بن الإمام ولأمه السالمة بنت اعمر)
سيدي محمد ولد أحمد فال (1974 تامشكط لأبيه أحمد فال ولد محمد يحيى ولأمه الويله بنت أحمد فال)
محمد محفوظ ولد إدومُ (1965 انواكشوط لأبيه أحمد ولد محمدن ولأمه خديجة بنت صلاحي)
إسماعيل ولد عيسى الجزائري (1972 بالجزائر لأبيه عيسى عبد الله وأمه ربيحة)
عبد المجيد الجزائري (1974 بالجزائر لأبيه بشير بن محمد ولأمه عائشة)
أحمد مزيد ولد عبد الحق (1969 اركيز لأبيه محمد عبد الحق ولأمه إخليها بنت أحمد)
محمد عبد الله ولد عبد الودود (1976 بأبي تلميت لأبيه أحمد ولأمه عيشة)

وبعد اتخاذ هذا القرار كان مصدر تحليل من بعض المراقبين لهذه القضية؛ والذين ظلوا يبحثون عن السر وراء إطلاق سراح البعض والإبقاء على الآخرين؛ ألا تعتبر التهمة واحدة.. أم أن البعض أكثر ضلوعا من الآخرين؟

أحد المحامين اعتبر أن الأمر وجه بطريقة سياسية أكثر منها قانونية وبحكم اطلاعه على الملفات المعدة لهؤلاء فإنه لم ير ما يدينهم؛ بل إن بعض من أطلق سراحهم كان ملفه أكثر تعقيدا ممن بقي في السجن.

وقد تساءل البعض عن مصير الثلاثة الذين فروا من السجن: (الخديم ولد السمان، وسيدي محمد ولد حبت وولد محمد خيرو) فهل ستتم محاكمتهم بنفس التهمة أم سيخصص لهم ملف خاص؟.

أبعاد القرار:

لقد جاء هذا القرار بعد مخاض عسير حيث ظل الملف رقم 105/05 حبيسا في أدراج مكتب النيابة لمدة زادت على أحد عشر شهرا رغم أن أصحابه استفادوا آنذاك من حرية مؤقتة من لدن قاضيين جالسين؛ إلا أن القرار ظل معطلا. وبعد نضال طويل من طرف ذويهم وتحرك ملحوظ لنقيب المحامين الذي أبلغ رئيس الدولة في لقاء معه بمناسبة اليوم الوطني للقضاء حين أكد النقيب ضرورة تقديم السجناء للمحاكمة أو إطلاق سراحهم؛ بعد كل ذلك أكد رئيس الدولة أنه لم يكن على علم بتفاصيل الملف ومصادقة محكمة الاستئناف على منح هؤلاء الحرية المؤقتة بتاريخ 14 سبتمبر 2005.

ظل ملف الإسلاميين غائبا عن الأنظار ولم تعقب عليه النيابة العامة؛ وهذا ما يخالف -حسبما صرح لنا به بعض المحامين- كافة القوانين، إذ كان يجب على النيابة أن تعقب في أجل أقصاه شهر واحد وأن ترفعه إلى الغرفة الجزائية في المحكمة العليا لتنظر فيه فتؤكد هذه الحرية المؤقتة أو تلغيها أو تأمر بمحاكمة المتهمين؛ لكن النيابة ظلت عصية على المحامين وأهالي السجناء إلى أن قررت أخيرا أن تفرج عن الملف، وجاء هذا الإفراج منذ عشرة أيام تقريبا وبعد أن استفاد رئيس الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا محمد عبد الله ولد محمد موسى من عطلته السنوية وهو الذي كان يعقد عليه أهالي السجناء آمالا كبيرة..

رفعت النيابة العامة الملف مصحوبا بتعقيبها وطلبيها المتمثلين في:

عدم تأكيد حرية السجناء المؤقتة.

محاكمة السجناء جميعا بمن فيهم الثلاثة الذين فروا.

غير أن المحامين المتعهدين في الملف اجتمعوا وقدموا عريضة يردون فيها على النيابة العامة؛ مطالبين المحكمة بتأكيد الحرية المؤقتة ثم ببرمجة محاكمة المتهمين في أسرع وقت.

وهكذا بدأ ملف الإسلاميين يتحرك من جديد.. وفي خضم ذلك -أو قبله بقليل- تم إيداع ثمانية من "السلفيين" في السجن المدني، بعضهم متهم بالاشتراك في عملية "لمغيطي".

وفي الأخير فإن من التساؤلات المثارة لدى البعض متى ستنتهي الحرية المؤقتة والتي غالبا ما تكون بداية للبراءة والتخلص من ملف يرى المشرفون عليه عدم كفايته لتقديم أصحابه إلى المحاكمة.

ونرى أن نفس السيناريو هو الذي تم اتباعه في ملف الإسلاميين الذين أطلق سراحهم بعد الثالث من أغسطس وعلى رأسهم الشيخ محمد الحسن ولد الددو الذي اتهمه وزير الداخلية آنذاك -لمرابط سيدي محمود ولد الشيخ أحمد- بأنه يمثل مع النووي والشاعر "رأس الحربة في الجماعة السلفية للدعوة والقتال الموريتانية" فهل تستفيد بقية السجناء من الحرية المؤقتة علها تكون البداية لطي هذا الملف الذي يبدو أن الأطراف الخارجية تلعب فيه دورا جوهريا يؤثر على سيره في الوجهة الصحيحة؟

والمثير حقا -ولا نعرف هل كان الأمر متعمدا- هو إطلاق سراح ثمانية أشخاص حاليا ليتم إيداع نفس العدد في السجن المدني فيبقى الرقم 18 دائما موجودة في العنبر رقم 5! فهل سنخرج من هذه الحلقة المفرغة ونمنح الجميع البراءة أو ندين من يستحق الإدانة؟.

ولد السمان يمثل أمام المحكمة الجزائية وتأجيل محاكمته إلى الخميس المقبل

بعد انعقاد جلسة للمحاكمة من طرف الغرفة الجزائية برئاسة القاضي محمد حبيب صنب، في القاعة رقم 1 وبعد مثول مجموعة من المتهمين أصحاب الحق العام.. إذ نودي على المتهم محمد ولد السمان وقد علمت والدته لميكف بنت صالح وهي تنتظر مع ذوي السجناء الإسلاميين في فِناء المحكمة العليا بانتظار قرار المحكمة العليا.

وعند ما علمت أن ابنها السجين منذ ثلاثة أشهر قد قدم إلى قصر العدالة جاءت مسرعة لتحضر محاكمته فاجأتها كما فاجأت محامييه الأستاذين بونن ولد اعثميمين ومحمد ولد ماء العينين اللذين تقدما عندما نودي برقم الملف واسم المتهم؛ ولكن القاضي رفض النظر في هذا الملف ومحاكمة صاحبه.. لأنه لم ينظر في الملف أبدا، كما أن المحاميين طالبا بتأجيل محاكمة محمد ولد السمان حتى يوم الخميس القادم.

ومن الجدير بالذكر أن ولد السمان متهم بمساعدة السجناء الثلاثة الذين فروا من السجن وهم: الخديم ولد السمان، وسيدي محمد ولد حبت، وولد محمد خيرو. مع أن الخديم ولد السمان قد ظهر على شاشة قناتي العربية والجزيرة مؤكدا أن وراء فراره أشخاصا في السلطة.

أجواء الحرية

في حوالي الثانية ظهرا وبعد أن صدر القرار بالإفراج عن مجموعة الإسلاميين المتهمين بـ"السلفية الجهادية" بحرية مؤقتة بدأ أهالي السجناء والمعتقلين بالتوافد على السجن المدني الذي تقوم قوات خاصة بحراسة بوابته؛ إضافة إلى بحيرة من المياه الآسنة تنبعث منها رائحة تزكم الأنوف كفيلة بحراسته وحدها.

شيئا فشيئا امتلأت الساحة المقابلة للسجن، ورغم حرارة الجو إلا أن لهفة اللقاء كانت تشد ذوي المعتقلين وتقوي من عزيمتهم على الصبر حتى عناق الأحبة، كل العيون معلقة ببوابة السجن ترصد جميع التحركات.

"السفير" حاولت الاقتراب من البوابة لاكتشاف ما يجري مع مجموعة من المحامين؛ لكن رجال حرس السجن الأشداء في بزاتهم الرسمية استقبلونا بالهراوات شاهرين السلاح في وجوهنا، وقال أحدهم إنه لو جاءته أوامر بإطلاق النار علينا لما تردد لحظة؛ حينها أجابته لعناد بنت سيد أحمد (شقيقة "الشاعر" المعتقل: "إن كنت رجلا شهما وتعشق إطلاق النار فلماذا لا تكون الآن في جنوب لبنان؟".

بعد دقائق بدأنا نشاهد أمتعة السجناء المفرج عنهم تخرج من السجن.. عندها بدأت صيحات التكبير من الجماهير الحاضرة وما هي إلا لحظات حتى خرجت المجموعة يتقدمها محمد سيدي ولد سليمان (النووي) ومحمد ولد أحمدو الملقب "الشاعر".

موفد "السفير" تمكن -رغم الهرج والمرج والزحام الشديد- من الانفراد بإجراء مقابلات مع محمد ولد سيديا "النووي" ومحمد ولد أحمدو "الشاعر" وليلى بنت الغوث الناطقة باسم أهالي السجناء المعتقلين.

محمد ولد سيديا الملقب النووي:

"الملف أوله ظلم وآخره كذلك"..

.."لا شك أن من كان قائما على هذا الملف لم يوفق مرة واحدة في الإجراءات التي أجراها فيه؛ فكان أوله ظلما وآخره ظلما كذلك؛ وما زال على ذلك.. حتى هذا الإخراج ظلم؛ لأن من أخرجوا إنما أكد لهم حكمان سابقان منذ عشرة أشهر؛ أكد في الأقل ورفض في الأكثر. ثم أيضا لما أريد أن يخرجوا خرجوا بطريقة مهينة وبضمانات وأمور لا يعلمها إلا الله؛ في حين أن أكبر الناس جرائم يخرج من السجن دون أن يطلب منه شيء!".

محمد ولد أحمد الملقب الشاعر:

"كلنا تعرض للتعذيب"

"ما يجري في هذا السجن ظلم صريح؛ حيث أن مجموعة من الأئمة والعلماء -وفي سابقة خطيرة- تسجن هذه المدة الطويلة (سنة وشهرين)  بدون أدلة وبدون وقائع ولا أحداث.. وتنتهي أيضا بهذه النهاية المأساوية بترك أكثرها خلف القضبان! هذه جريمة نكراء في حقهم، وسجناء الحق العام الذين قتلوا ونهبوا المال العام عفي عنهم؛ مما يدل على أن هذا الحقد يوجه إلى مجموعة معينة تحمل العلم وتؤمن بالدعوة.. هذه فضيحة؛ أن يقدم العلماء للمحاكمة ويترك اللصوص والقتلة" وأكد أن "كل السجناء تعرضوا للتعذيب؛ إما بالعقاب الجسدي، وإما بالقيود والضغوط النفسية.."

ليلى بنت الغوث:

"صامدون حتى النهاية"

.."الإفراج عن هذه المجموعة فضل من الله كبير؛ حيث تمكن ذووهم من الفرحة.. ولو مؤقتا" وتساءلت ليلى في تهكم واضح: "أين العدالة التي كان يتبجح بها ولد بتاح؟ وأين عدالة ولد حناني وثقافته وحريته؟ وأين استقلالية القضاء وشعارات المجلس العسكري؟.."

وأضافت قائلة إن العدالة في موريتانيا "شعار فارغ؛ ولا أدل على ذلك من اعتقال هذه المجموعة لهذه المدة الطويلة بدون أدلة تذكر، وبتهم هشة لا تنبني على أساس". وقالت إن المجلس العسكري "ما زال يتعنت على الذي خلقه من طين ومن ماء مهين، ويوزع الجراح على الأمهات والأخوات؛ لكن عزاءنا (تضيف) عن هذا كله هو الإفراج عن مشايخنا" مشيرة إلى أن " السلطات تريد من وراء اعتقال تسعة أشخاص جدد بعد أن ضاق عليها الخناق في هذا الملف بديلا للسجناء المفرج عنهم؛ كما أنها أيضا قامت باعتقال ثلاثة أفراد من قبيلة الرئيس لإبعاد تهمة الإفراج عن الخديم ولد السمان الذي اعترف بها عبر قنوات فضائية محترمة".

وخلصت إلى القول إنهم سيعتصمون ابتداء من الآن حتى يفرج عن كافة المجموعة متوعدة "من قاموا بتعذيب الأئمة والدعاة أن الله عز وجل لهم بالمرصاد وعند الله تختصم الخصوم".

الأستاذ محمد ولد أحمد مسكه:

"بداية تصحيح المسار"

"أعتقد أن ما حصل اليوم هو بداية لتصحيح مسار طالما نحرف كثيرا عن جادة الصواب؛ وكنا نتوقع ونأمل أن يتم إطلاق الجماعة كلها، لكننا فوجئنا بإلقاء أغلبية الجماعة داخل غياهب السجن. ومن هنا فإننا نناشد السلطات القضائية بتسريع إجراءات محاكمة هذه الجماعة؛ ونحن واثقون من براءتهم كلهم في نهاية المطاف".

 

إعداد: محمد المختار ولد آبگه – ومحمد ولد سينا عمر

 

السفير الورقية.. العدد: 353

الصادر بنتاريخ: 28 يوليو 2006